مقال | أحمد يمّين
تعدُّ الحروب والأزمات من العوامل الفاعلة في إحداث تغييرٍ في بنية المجتمع وتركيبته بسيطٍ على المدى القريب، ومعقَّدٍ أكثر تشابكًا على المدى البعيد. فهي عوامل تتحكَّم في مصير الشُّعوب، وتخلِّف آثارًا عميقةً في جسد المجتمع تتمظهر في حالة الشَّلل الجزئيِّ الَّذي يصيب أطرافه فيعيق تقدُّمه. ولعلَّ أبرز هذه الانعكاسات يظهر جليًّا في القطاع التَّعليميِّ المرتبط بالعوامل المحيطة كلِّها، المتأثِّر بتأثُّرها. ففي ظلِّ الظُّروف القاسية الَّتي يمرُّ بها لبنان، سدَّت الحرب أبواب المدارس أمام طلّابها، وباتت السُّبل إلى هذا المعين منقطعةً. وهنا كان لا بدَّ من البحث عن سبلٍ مرنةٍ آمنةٍ تؤمِّن استمرار عمليَّة التَّربية والتَّعليم تلبيةً لهذه الحاجة الملحَّة.
في هذا الإطار يصبح التَّعليم من بعدٍ الخيار الأصوب والسَّبيل الأمثل لتلافي أيِّ خللٍ تحصيليٍّ، وهو الخيار الوحيد الَّذي يفرض نفسه في الميدان. إلّا أنَّ هذه الخطوة تطرح كثيرًا من التَّحدِّيات الأخلاقيَّة والاستراتيجيَّة الَّتي تحتاج إلى دراسةٍ معمَّقةٍ. فالتَّعليم عبر الإنترنتِّ، رغم فوائده يواجه عقباتٍ تتعلَّق بالوصول إلى التِّكنولوجيا، والفجوات الرَّقميَّة، والاعتبارات الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة الَّتي تؤثِّر في فعّاليَّة التَّعلُّم. من هذا المنطلق، سيتدرَّج المقال في عرض التَّحدِّيات المعيقة لتحقيق تعليمٍ عادلٍ وشاملٍ للطُّلّاب جميعهم. كما سيستكشف أبرز الفرص المتاحة لضمان سلامة هذه العمليَّة عبر صياغة استراتيجيّاتٍ تعليميَّةٍ مبتكرةٍ يمكن أن تمثِّل خطوةً أخلاقيَّةً فاعلةً في مستقبل نظامٍ تعليميٍّ يناسب الحالات الطّارئة.
مع تفاقم الأزمة واشتداد وطأتها، بدأت المدارس تخطِّط للعودة إلى منهج التَّعليم من بعدٍ، منهجٍ شبيهٍ بذلك المعتمد زمن جائحة كورونا، ولكنَّ المشكلة تكمن في مدى إمكانيَّة ذلك، إذ تختلف ظروف تلك الأزمة عن هذه. وفي تفصيل ذلك، نعقد ممايزةً بسيطةً بين الأزمتين:
فترة الجائحة (كورونا): رغم دقَّة هذه المرحلة وصعوبتها، إلّا أنَّها لم تعبث باستقرار المواطنين، ولم تتعرَّض لمساكنهم بضررٍ، أو تؤثِّر فيها تأثيرًا مباشرًا. فقد كان الإجراء الوقائيُّ يتطلَّب الحجر المنزليَّ أو ملازمة المسكن مع اتِّباع مجموعةٍ من الإرشادات الصِّحِّيَّة لتفادي انتقال العدوى. ومن ثمَّ، فإنَّ ملازمة المنازل والاستقرار فيها لم يكن عائقًا للوصول إلى شبكة الإنترنت أو مصادر المعلومات.
فترة الحرب: تتَّسم هذه المرحلة بانعدام الاستقرار مع تزايد حالات التَّهجير القسريِّ نتيجةً لانعدام الأمن والاطمئنان. وبالتّالي، فنحن نتحدَّث عن غياب الموارد الأساسيَّة كالإنترنتّ بالدَّرجة الأولى الَّذي لم يعد دوامه سوى ترفٍ أو مظهرٍ من مظاهر الكماليّات الحياتيَّة أمام تدهور القدرة على تلبية الحاجات الأساسيَّة. وضمان شبكة إنترنتٍّ جيِّدةٍ إلى حدٍّ ما، في ظلِّ التشويش الحاصل على شبكة الاتصالات يكاد يكون أمرًا شبه مستحيلٍ.
لذلك، نرى أنَّ أكثر الطُّلّاب الموجودين في مناطق غير مستقرَّةٍ يفتقرون إلى العنصر الأوَّل لتحقيق التَّعلُّم من بعدٍ، إلى جانب افتقارهم إلى الأدوات والوسائل التِّقنيَّة الحاضنة لهذه الآليَّة. وهي – إن توفَّرت – لتلبية حاجات العائلة الطّارئة بما يسمح بتخطّي هذه المرحلة. هذا بالإضافة إلى أنَّ البنية التَّحتيَّة المهترئة لشبكة الاتِّصالات تعكس تردِّيًا واضح المعالم في جودة الاتِّصالات. ومع الحاجة إلى تعليمٍ متزامنٍ، فإنَّنا نتحدَّث عن ضغطٍ هائلٍ على الشَّبكة خلال ساعات التَّعليم ما سيؤدّي حتمًا إلى تفاقم الأزمة بثقل تحميل الموارد التَّعليميَّة ومشاركة البيانات. هذا بالإضافة إلى أنَّ التَّعليم من بعدٍ يتطلَّب زيادة في الإنفاق على حزم البيانات وخدمات الإنترنتِّ، وهو إنفاقٌ لا تتحمَّله العائلات المتوسِّطة أو الفقيرة في ظلِّ الأزمة الاقتصاديَّة الحادَّة، ولا طائل منه أمام تكاليف الإنفاق على الملبس والمأكل والطَّبابة والتَّنقُّل… بينما قد تتحمَّله الأسر والعائلات الغنيَّة. وهذا بدوره يسلب العمليَّة التَّعليميَّة خاصِّيَّتي العدالة والمساواة، وينحرف بالتَّربية والتَّعليم عن مسارهما الأخلاقيِّ. الأمر الَّذي سيخلق تبعيّاتٍ تربويَّةٍ واجتماعيَّةٍ لا تحمد عقباها نظرًا للفجوة الَّتي ستخلِّفها هذه السِّياسة.
بالإضافة إلى العوامل السّابقة، نذكر عدم قدرة المناهج التَّعليميَّة التَّقليديَّة على محاكاة البيئة الرَّقميَّة أو الأزمة الطّارئة مجهولة الأمد محاكاةً تمكِّن الكلَّ من الحصول على فرصٍ عادلةٍ. فبالحديث عن بيئةٍ رقميَّةٍ، لا بدَّ من الحديث عن منهجٍ رقميٍّ يقوِّمه حداثة الأسلوب. ونعني بذلك الوقوف على الأساسيّات الَّتي تضمن استقرار القاعدة العلميَّة لدى الطُّلّاب، الممهَّدة عبر استهداف المهارات الأساسيَّة: الإصغاء والقراءة والتَّحليل والتَّعبير والكتابة. ولدعم هذه المهارات، يمكن التَّركيز على تعليم اللُّغة العربيَّة إلى جانب لغةٍ أجنبيَّةٍ (حسب الحاجة)، والرِّياضيّات. يمكن اعتماد هذا المنهج كإجراءٍ احترازيٍّ طارئٍ للمراحل ما دون الجامعيَّة باستثناء الصَّفِّ الثّاني عشر. وفي ما يخصُّ هذا الصَّفَّ، يمكن اعتماد منهجٍ يتناسب مع مجالات الطُّلّاب التَّخصُّصيَّة: بالنِّسبة إلى التَّخصُّصات العلميَّة، يمكن التَّركيز على الموادِّ العلميَّة حصرًا. وكذلك الحال بالنِّسبة إلى التَّخصُّصات الأدبيَّة، حيث يمكن تركيز المنهج على الموادِّ الأدبيَّة الأساسيَّة.
أمّا آليَّة التَّعليم، فيمكن أن تقوم على دروسٍ مسجَّلةٍ مضغوطةٍ قصيرةٍ. تحمَّل هذه الدُّروس على صفحةٍ خاصَّةٍ بالمدرسة، سواءً أكانت على تطبيقٍ تعليميٍّ معتمدٍ كالـ (إي-سكول) أو موقع اليوتيوب، أو تخزَّن عبر إحدى “وسائط التَّخزين السَّحابيِّ”. وهذا يضمن وصول الطّالب إلى هذه الدُّروس بيسرٍ كلَّما تمكَّن من ذلك، ليطَّلع على آخر التَّحديثات، ويراجع المعلومات طيلة هذه الفترة. وبذلك، يمكنه تدوين أسئلته في خانة الملاحظات والتَّعليقات، أو يمنح إذنًا بالتَّواصل المباشر مع المدرِّس. وهنا تكمن مسؤوليَّة المعلِّم الإرشاديَّة التَّوجيهيَّة في تطوير أسلوبٍ مرنٍ يوضِّح ما أشكل على الطُّلّاب من أفكارٍ ومعلوماتٍ. وبأسلوبٍ آخر، يمكن تخصيص حصَّة تعليمٍ مباشرةٍ يلتقي فيها المعلِّم بتلاميذه أو بمجموعةٍ منهم مرَّةً أو مرَّتين أسبوعيًّا عبر وسيطٍ يكون الأسرع والأيسر في اعتماده على المستوى العامّ.
ولخدمة هذا الغرض، لا بدَّ من إجراء تقييماتٍ مستمرَّةٍ ودوريَّةٍ للتَّحقُّق من سلامة العمليَّة التَّحصيليَّة. يعمد المعلِّم إلى إنشاء اختبارٍ تقييميٍّ مصغَّرٍ يتناول الأهداف الرَّئيسة لكلِّ درسٍ مصغَّرٍ في نهايته، وترتبط ببريده الإلكترونيِّ مباشرةً أو ببريدٍ تابعٍ للإدارة نفسها. وبذلك يستطيع المعلِّم والطّالب كلاهما متابعة التَّحصيل على حدٍّ سواءٍ، على أن تُجرى اختباراتٌ تقييميَّةٌ شاملةٌ على صعيد الدَّرس ثمَّ المحور. تنقسم هذه الاختبارات إلى قسمين: أحدهما نظريٌّ يقوم على طريقة “الاختيار من متعدِّدٍ”، والآخر تطبيقيٌّ يقوم على عددٍ من الأسئلة المفتوحة الَّتي تتطلَّب تسلسلًا منطقيًّا في الإجابة عنها. تختلف طريقة تطبيق التَّقييم المذكور باختلاف المنطقة أو المحافظة، حسب درجة تأثُّرها بمجريات الحرب، وقدرة كلِّ إدارةٍ على توظيف الوسائط. في هذه المرحلة يمكن للإدارة أن تعيد تشكيل هيكليَّتها التَّنظيميَّة، فتضمُّ كلَّ مجموعةٍ من معلِّمي أو معلِّمات المادَّة الواحدة تحت منسِّقٍ مشرفٍ، ترفع إليه تقارير دوريَّةٌ تتناول تقييم كلِّ طالبٍ، فيتابع بدوره سير العمليَّة التَّعليميَّة وتصدير التَّقارير والتَّوصيات اللّازمة لضمان حسن تطبيق الآليَّة. وبعدها يرفع كلُّ منسِّقٍ تقريرًا عامًّا يتناول أوضاع الطُّلّاب إلى إدارة المدرسة بصورةٍ دوريَّةٍ.
يمكن اتِّباع هذه الخطوات مع طلّاب الحلقة الثّالثة من المرحلة المتوسِّطة والمرحلة الثّانويَّة. أمّا بالنِّسبة إلى الحلقات الأدنى (الأولى والثّانية)، فيمكن زيادة الوقت المخصَّص للقاء المعلِّم بتلاميذه بالتَّنسيق مع الأهل وإيضاح ما أشكل عليهم من أفكارٍ ومعلوماتٍ. ويكون ذلك بتخصيص وقتٍ محدَّدٍ لكلِّ لقاءٍ، بمراعاة قدرة المعلِّم واستطاعته وتقدير أوضاعه الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة إيمانًا بأنَّ سلامة المعلِّم سلامة التَّعليم. ويفضَّل تقليل عدد الطُّلّاب وتوزيعهم على الجلسات بما ييسِّر عمليَّة التَّفاعل بين الأهل والطّالب والمعلِّم على فتراتٍ زمنيَّةٍ مقبولةٍ ومعقولةٍ. ولا بدَّ من الإشارة إلى أهمِّيَّة ضبط اللِّقاءات وتنظيمها وتقليص ساعاتها، بما يمنع خلق توتُّرٍ نفسيٍّ لدى الأطراف الثَّلاثة أساسه مخاوف محتملة: الخوف من المصير، الخوف من تردّي الاتِّصال المضيِّع لجهد المعلِّم والمشتِّت للمتعلِّم، الخوف من الإسراف وانعكاساته.
وبما أنَّنا نتحدَّث عن تطوير النَّهج والمنهج ليواكب تطوُّر الأحداث، فإنَّه لا بدَّ من تطوير الأسلوب أيضًا. والمقصود بذلك الإشارة إلى ضرورة أن يكون المعلِّم نفسه مرجعًا ومرجعيَّةً في نشر الطّاقة الإيجابيَّة، وتعزيز التَّفكير المنطقيِّ والرَّوابط الاجتماعيَّة والأسريَّة: وذلك بأن يُستهلَّ كلُّ درسٍ بمقدِّمةٍ لا تتجاوز الخمس دقائق، يطمئن المعلِّم فيها طلّابه، ويذكِّرهم بأهمِّيَّة التَّحلّي بالصَّبر وروح التَّعاون والتَّضامن والمحبَّة إذ إنَّ الأمَّة لا تتقدَّم ولا تنتصر إلّا بتوحُّدها وتضامن أفرادها وتآخيهم. يتمحور دور المعلِّم في هذا الجزء حول إعادة بناء العقليَّة الجماعيَّة والذِّهنيَّة الثَّقافيَّة للطّالب بناءًا يعزِّز ارتباطه بنفسه وبمحيطه، ويخلق الدّافع المعنويَّ للإنتاج والإبداع. هذا إلى جانب تخصيص جزءٍ من الدُّروس أو اللِّقاءات الَّتي تقوم على التَّوجيه والإرشاد وتقديم الدَّعم النَّفسيِّ المناسب للمعلِّمين والطُّلّاب والأهل، لتخطّي هذه المحنة. الهدف الأوَّل لهذه الدُّروس سيكون تزويد كلِّ المكوِّن المؤسَّساتيِّ باستراتيجيّاتٍ علميَّةٍ وسياساتٍ عمليَّةٍ فاعلةٍ وداعمةٍ لتحقيق التَّكيُّف والتَّأقلم مع الظُّروف الطّارئة في ظلِّ الأوضاع الحرجة.
ولا بدَّ من الإشارة إلى دور التَّثقيف ونشر الوعي في هذه الأزمة، لضمان التّصرُّف العقلانيِّ والسُّلوك الأخلاقيِّ في التَّعامل مع الذّات والآخر من جهةٍ، ومع الدَّولة وأجهزة الطَّوارئ الفاعلة ميدانيًّا من جهةٍ أخرى. ومن المحاور الَّتي قد يرتكز عليها هذا النَّوع من التَّثقيف: الدَّعم النَّفسيُّ، التَّطوُّع والمبادرة، جهاز الطَّوارئ والإغاثة (وظيفته ودوره في الأزمات)، الجهات المعنيَّة بالتَّدخُّل حسب كلِّ طارئٍ (مراكز توزُّعها عبر المحافظات والأقضية والخطوط السّاخنة المفعَّلة)، مراكز اللُّجوء والإيواء المعتمدة رسميًّا (توزُّعها، خدماتها، صلاحيّاتها)، دور المهارات الفنِّيَّة والرَّقميَّة في مناصرة القضيَّة… ستناقش سياسات التَّثقيف وإجراءاته في مقالٍ لاحقٍ.
إنَّ هذه السِّياسة الطّارئة سياسةٌ كاملةٌ متكاملةٌ وشاملةٌ تقوم على دراسةٍ ورصدٍ وتقييمٍ ومتابعةٍ دائمةٍ ومستمرَّةٍ، وهي لا تقتصر على القطاع التَّعليميِّ دون سواه: فتضافر الجهود يحشد المجهود لتكسير القيود. بمعنى أنَّ للمجتمع المدنيَّ والبلديّات دورًا مهمًّا يقوم على تأكيد السِّياسة السّابقة الذِّكر إلى جانب تأمين الدَّعم اللوجيستيِّ المناسب من مساعداتٍ وموارد مناسبةٍ لاستتباع العمليَّة التَّعليميَّة في ظلِّ هذه الظُّروف دون تفرقةٍ أو تمييزٍ. وللحكومة الدَّور الأبرز في صياغة التَّشريعات والقوانين والأنظمة الطّارئة الَّتي تتناول سبلًا تنمويَّةٍ مستدامةٍ لقطاع التَّعليم خصوصًا في الأزمات: تمويل القطاع التَّعليميّ، تغذية صناديق المدارس، تأمين الوسائل التِّقنيَّة الفاعلة في تيسير العمليَّة التَّعليميَّة، إيصال الإنترنتِّ إلى مراكز الإيواء، رقمنة المنهج التَّعليميِّ، تفعيل آليَّة المساءلة والمحاسبة، تفعيل نظامٍ خدماتيٍّ معلوماتيٍّ ييسِّر الوصول إلى المنهج الرَّسميِّ، تفعيل نظام اتِّصالاتٍ شبكيٍّ أكثر سرعةً وفاعليَّةً لضمان جودة التَّعليم، تشريع التَّعليم المنزليِّ… (الإسعاف، الدِّفاع المدنيُّ، الجيش
وعليه، لا بدَّ من تضافر الجهود في سبيل تعزيزٍ ظروفٍ تعليميَّةٍ وتربويَّةٍ داعمةٍ ودامجةٍ، لتعزيز دور العمليَّة التَّربويَّة والتَّعليميِّة في هذه الفترة والاستفادة من التَّجربة لتحقيق نظامٍ مستدامٍ تنمويٍّ أكثر دقَّةً وشموليَّةً. والهدف الأساس من استتباع التَّعليم استتباع الدَّور الأساسيِّ للقطاع التَّربويِّ في ظلِّ الأزمات والمحن، وهو التَّربية والتَّنشئة لتحقيق التَّكيُّف والتَّأقلم. ولا خلاص للمجتمع إلّا بخلاص أبنائه، ولا خلاص لأبنائه إلّا بزيادة الوعي وتحرير الفكر وتكسير قيود الجهل. ولا تتكسَّر هذه القيود إلّا بإيمانٍ تامٍّ بأهمِّيَّة استمرار هذه العمليَّة رغم الأزمات والمحن.
ختامًا، ينبغي لنا أن نتيقَّن من ضرورة تضافر الجهود وترك الخلافات الشَّخصيَّة والنِّزاعات السِّياسيَّة في سبيل دعم قضيَّةٍ وطنيَّةٍ أسمى وأرقى. وتوحيد الأهداف حاجةٌ ملحَّةٌ لبناء جسدٍ صلبٍ مقاومٍ، وحصنٍ منيعٍ يتصدّى لأعداء الدّاخل والخارج. وما القطاع التَّعليميُّ إلّا قاعدة هذا الحصن وأساسه، وصلب هذا الجسد وصميمه الَّذي به يرتجى تقدُّم الوطن وتطوُّر المجتمع. فتمكينه وتعزيزه ودعمه وتطويره سياسةٌ أخلاقيَّةٌ استراتيجيَّةٌ، لا بدَّ من تطبيقها تطبيقًا علميًّا عمليًّا لا التماسًا لأثرها على الصَّعيد الأكاديميِّ فحسب إنَّما على الصُّعد الوطنيَّة الاجتماعيَّة كافَّةً.
أحمد يمّين
مدرّس ومدرب
متخصص في استراتيجيات التعليم عن بُعد
حاصل على درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها (البحث واللغويات)